أخبار مهمة

الداعية الإسلامي الدكتور أحمد علي سليمان يحذر عبر برنامج (الإسلام والحياة)من الآثار الخطيرة للغيبة والنميمة على الفرد والمجتمع

 مطالبا بضرورة تكاتف المؤسسات الإعلامية والتربوية والثقافية لنشر القيم والسلوك الرشيد في المجتمع

كتب : محمد عبدالرحيم 

أكد الداعية الإسلامي الدكتور أحمد علي سليمان أن الغيبةُ والنميمةُ من الأمور التي نهى عنها الشرعُ الحنيف، ولكنّ البلاءَ بها بين الناس منتشرٌ إلا من عصِم اللهُ، وقليلٌ مِن الناس مَن يسلمُ من ذلك، مشيراً إلى أن النميمة إنما تأتي من الغيبة، ويرجع انتشارها بسبب ضعب التربية الدينية، مطالبا المؤسسات التربوية والإعلامية والثقافية بالإسهام الحقيقي في معالجة السلوكيات المذمومة ونشر القيم والسلوك الرشيد في المجتمع. وقال في حلقة أمسالاثنين 28 نوفمبر 2016م، من برنامج (الإسلام والحياة) والذي يُبث على الهواء مباشرة عبر أثير إذاعة القرآن الكريم، وقدّمها الإعلامي الأستاذ/ السيد صالح، والتي خُصصت للحديث عن: (الغيبة والنمية وأثرهما على الفرد والمجتمع)، قال: إن الواجب يفرض علينا أن نُمسكَ عن عيوب الناس وأن يشتغل كلٌّ منا بعيب نفسه، لكنَّ المصيبةَ أن الغيبةَ أصبحت فاكهةَ مجالسِنا والعياذ بالله. ولفت د. أحمد علي سليمان إلى أن الشرع الحنيف حرّم الغيبة، كما أنه أمعن في تحريم النميمة؛ نظرا لما تجره على المجتمع من مصائب وتبعات خطيرة، قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلا تَجَسَّسُوا وَلا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَّحِيمٌ) (الحجرات:12). وأوضح أن من نمَّ لك، نمَّ عليك، ومن نقل لك اليوم نقل عنك غدًا. كما أن النمامَ يفسد في ساعةٍ واحدةٍ ما لا يفسدُه الساحرُ في سنة. وعرّف الغِيبةُ كما عرّفها العلماء فقال إنها ذكرُ المرء بما يكره بظهرِ الغيب، وقيل هي ذكرُ العيبِ بظهرِ الغيبِ بلفظٍ، أو إشارةٍ، أو محاكاةٍ أو تقليدٍ، سواءً باللسان الذي يفهم منه استنقاص الآخرين وذكر عيوبهم، أو بكل فعل أو حركة أو كتابة توحي بالمقصود والنَّمِيمَةُ هي نَـقْلُ الحديثِ من قومٍ إلى قومٍ على جهةِ الإفْسادِ والشَّرِّ والعياذ بالله. قال الحسنُ (رضي الله عنه): “الغِيبةُ ثلاثةُ أوجه: الغيبة، والإفك، والبهتان”. فأمَّا الغيبةُ، فهي أن تقول في أخيك ما هو فيه. وأما الإفكُ، فأن تقولَ فيه ما بلغكَ عنه. وأما البهتانُ، فأن تقولَ فيه ما ليس فيه. وقال الجرجاني (رحمه الله): “الغِيبةُ ذكر مساوئ الإنسان التي فيه في غِيبة”. والبهتان ذكر مساوئ الإنسان، وهي ليست فيه. والغمزَ: أن تعيب الإنسانَ بحضوره. أما اللمزُ: فهو أن تعيبَ الإنسانَ بغيبته وقيل بالعكس. قال الإمامُ ابنُ كثيرٍ (رحمه الله): “والغِيبةُ محرَّمةٌ بالإجماع، ولا يُستثنى من ذلك، إلا ما رجُحت مصلحته، كما في الجرح والتعديل، والنصيحة”. واعتبر الإمام ابنُ حجر الهيتمي الغِيبة من الكبائر؛ لقول النبي (صلى اللّه عليه وسلم): (كل المسلم على المسلم حرام، دمه، وماله، وعرضه)، وإذا وقع المسلم في عرض أخيه فعليه بالدعاء له، والاستغفار له، وإن علم أنه لن يتأثر استسمحه، وطلب منه العفو.

وبسؤال الداعية الإسلامي د. أحمد علي سليمان عضو المكتب الفني بقطاع التعليم الأزهري بالهيئة القومية لضمان جودة التعليم والاعتماد عن حكم سماع الغيبة أجاب: لا يجوز سماع الغِيبة والاستماع إليها، فقائل الغِيبة وسامعها في الإثم سواء إذا لم ينكر كلامه، والغيبة يجب إنكارها على من يفعلها، وعن أسماء بنت يزيد (رضي الله عنها) قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من ذبَّ عن عرض أخيه بالغِيبة، كان حقًّا على الله أن يعتقه من النَّار)، وقال ابنُ أم عبد: “من اغُتيب عنده مؤمنٌ فنصره، جزاه اللهُ بها خيرًا في الدنيا والآخرة، ومن اغُتيب عنده مؤمنٌ فلم ينصره، جزاه الله بها في الدنيا والآخرة شرًّا، وما التقم أحدٌ لقمةً شرًّا مِن اغتياب مؤمن، إن قال فيه ما يعلمْ فقد اغتابه، وإن قال فيه بما لا يعلمْ فقد بهته”. وعن محمد بن سيرين أنه قال: “أكثرُ الناس خطايا أكثرُهم ذكرًا لخطايا الناس”، لكن الحسن قال: “لا غِيبة لثلاثة: فاسق مجاهر بالفسق، وذي بدعة، وإمام جائر”، وقد قيل له: اغتابك فلان، فبعث إليه بطبق فيه تمر وقال: أهديت إليَّ بعضَ حسناتك، فأحببت أن أكافِئَك بهذا التمر”. وحذر فضيلته من الآثار الخطيرة للغيبة إذ إنها تظهر عيوب الفرد المستورة، وتسبب هجرَ صاحبِها، تترك في نفس الفرد جوانب عدائية، وتجرح الصوم، وتزيد في رصيد السيئات، وتنقص من رصيد الحسنات، وصاحبها مفلس يوم القيامة، ومهجور، وعقوبته النار ولا يغفر لصاحب الغِيبة حتى يعفو عنه الذي وقعت عليه الغِيبة، كما أنها تنشر الحقد، والحسد، والكراهية، والبغضاء، بين أفراد المجتمع.

وعرّج الداعية د. أحمد علي سليمان على النميمة فقال: النَّمِيمَة محرَّمة في الكتاب، والسُّنة، والإجماع، وهي من كبائر الذنوب. قال تعالى: (وَيْلٌ لِّكُلِّ هُمَزَةٍ لُّمَزَةٍ) (الهمزة: 1)، وقال: (وَلا تُطِعْ كُلَّ حَلاَّفٍ مَّهِينٍ هَمَّازٍ مَّشَّاء بِنَمِيمٍ مَنَّاعٍ لِّلْخَيْرِ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ عُتُلٍّ بَعْدَ ذَلِكَ زَنِيمٍ) (القلم: 1013)، وقال النَّبي صلى الله عليه وسلم: (لا يدخل الجنة نَمَّام)، وهي كبيرة من الكبائر، وأصحابها هو المفلسون، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، عَنِ النَّبِيِّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) أَنَّهُ قَالَ: (أَتَدْرُونَ مَنِ الْمُفْلِسُ مِنْ أُمَّتِي ؟) ” قَالُوا: الْمُفْلِسُ فِينَا مَنْ لَا دِرْهَمَ لَهُ وَلَا دِينَارَ وَلَا مَتَاعَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهُ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): (الْمُفْلِسُ مِنْ أُمَّتِي مَنْ يَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِصَلَاتِهِ وَصِيَامِهِ، وَيَأْتِي قَدْ شَتَمَ هَذَا، وَقَذَفَ هَذَا، وَأَكَلَ مَالَ هَذَا، وَسَفَكَ دَمَ هَذَا، وَضَرَبَ هَذَا، فَيُقْتَصُّ لِهَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ، وَلِهَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ، فَإِذَا فَنِيَتْ حَسَنَاتُهُ قَبْلَ أَنْ يَقْضِيَ مَا عَلَيْهِ، أُخِذَ مِنْ خَطَايَاهُمْ فَطُرِحَتْ عَلَيْهِ ثُمَّ طُرِحَ فِي النَّارِ).وهي سببٌ لعذاب القبر، ومن أسباب حرمان دخول الجنة، فعن عبد الله بن عبَّاس رضي الله عنهما قال: (مرَّ النَّبي صلى الله عليه وسلم بقبرين، فقال: إنَّهما ليعذَّبان، وما يعذَّبان في كبير أمَّا أحدهما: فكان لا يستتر من البول، وأمَّا الآخر: فكان يمشي بالنَّمِيمَة فأخذ جريدة رطبة، فشقَّها نصفين، فغرز في كلِّ قبر واحدة فقالوا: يا رسول الله، لم فعلت هذا؟ قال: لعلَّه يخفِّف عنهما ما لم ييبسا). كما أن النميمة تُذْكي نار العداوة بين المتآلفين وتؤذي وتضرُّ، وتؤلم، وتجلب الخصام والنُّفور، وهي عنوان الدَّناءة، والجبن، والضِّعف، والدَّسائس، والكيد، والنِّفاق، والخسة، وهي مزيلةٌ لكلُّ محبَّة، ومبعدة كلُّ مودَّة، وتآلف، وتآخ، وتحمل على التجسس وتتبع أخبار الآخرين، وتُؤدي إلى قطع أرزاق الآخرين، تُفرِّق وتُمزِّق المجتمعات الملتئمة، وتؤدي إلى سفك الدماء، وهي عار على قائلها، وسامعها وعلى مَن لا ينكرها، وتتسبب في منع نزول القطر من السماء، وتفسد الدين والدنيا معا، وتحلق الدين: قال النَّبي صلى الله عليه وسلم: (ألا أخبركم بأفضل من درجة الصلاة والصيام والصدقة؟ قالوا: بلى يا رسول الله، قال: إصلاح ذات البيِّن، فإن فساد ذات البيِّن هي الحالقة، لا أقول تحلق الشعر ولكن تحلق الدِّين)، وبالتالي فهي طريق موصل إلى النَّار تحرم صاحبها دخول الجنة والعياذ بالله. وقال الإمام الغزالي: من حملت إليه النَّمِيمَة وقيل له: إنَّ فلانًا قال فيك كذا وكذا، عليه بستة أمور: الأوَّل: ألا يصدقه؛ لأنَّ النَّمام فاسق، وهو مردود الشهادة، قال الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ..) (الحجرات: 6) الثاني: أن ينهاه عن ذلك وينصح له، ويقبح عليه فعله، قال الله تعالى: (وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنكَرِ) (لقمان: 17) الثالث: أن يبغضه في الله تعالى، فإنَّه بغيض عند الله تعالى، ويجب أن نبغض مَن يبغضه الله تعالى. الرابع: أن لا تظنَّ بأخيك الغائب السوء، لقول الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ..) (الحجرات: 12) الخامس: أن لا تحملك نميمتُه على التجسس عليه، لقول الله تعالى: (وَلا تَجَسَّسُوا..) (الحجرات: 12) السادس: ألا ترضى لنفسك ما نهيت النَّمام عنه ولا تحكي نميمته؛ فتقول: فلان قد حكى لي كذا وكذا، فتكون به نمَّامًا أو مغتابًا، وقد تكونُ قد أتيتَ ما نُهيتَ عنه، وفقا لما جاء في موسوعة الأخلاق المذمومة بالدرر السنية. وفي نهاية الحلقة ذكر الدكتور أحمد علي سليمان قصَّة نمَّام لتوضيح خطورة النميمة على المجتمع فقال: قال حماد بن سلمة: باع رجل عبدًا، وقال للمشتري: ما فيه عيب إلا النَّمِيمَة. قال: رضيت. فاشتراه، فمكث الغلام أيَّامًا، ثم قال العبد لزوجة مولاه: إنَّ سيدي لا يحبك، وهو يريد أن يتسرى عليك، فخذي الموسى واحلقي من شعر قفاه عند نومه شعرات، حتى أسحره عليها فيحبَّك. ثم قال للزَّوج: إنَّ امرأتك اتخذت خليلًا غيرك، وتريد أن تقتلك، فتناوم لها حتى تعرف ذلك. فتناوم لها، فجاءت المرأة بالموسى، فظن أنَّها تريد قتله، فقام إليها فقتلها، فجاء أهل المرأة فقتلوا الزَّوج، ووقع القتال بين القبيلتين. نسأل الله السلامة والعافية وأن يطهر قلوبنا من النفاق والشقاق وسوء الأخلاق، وألسنتنا من الكذب والغيبة والنميمة، ويحفظنا وإياكم بالإسلام، ويجعلنا وإياكم دعاةَ خيرٍ لا دعاةَ تفرقةٍ ولا دعاةَ عداوةٍ بين المسلمين.

اظهر المزيد

admin

مجلس إدارة الجريدة الدكتور أحمد رمضان الشيخ محمد القطاوي رئيس التحريـر: د. أحمد رمضان (Editor-in-Chief: Dr. Ahmed Ramadan) تليفون (phone) : 01008222553  فيس بوك (Facebook): https://www.facebook.com/Dr.Ahmed.Ramadn تويتر (Twitter): https://twitter.com/DRAhmad_Ramadan الأستاذ محمد القطاوي: المدير العام ومسئول الدعم الفني بالجريدة. الحاصل علي دورات كثيرة في الدعم الفني والهندسي للمواقع وإنشاء المواقع وحاصل علي الليسانس من جامعة الأزهر.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى
Translate »